الأربعاء، فبراير 17، 2010

تــوصــيــلــة


    المصدر مجهول بصراحه-مش تصويرى-

اركب الميكروباص بعد إنتظار لا بأس به ، لسعت فيه الشمس رأسى حتى التهبت السحايا . لطالما اعتبرت الميكروباصات شرا لابد منه ولكنى احاول قدر استطاعتى عزل نفسى عن الوسط المحيط بى فيه . اضع سماعات الاذن راغبا فى القليل من سحر اليسا ورومانسيتها التى تقطر حزنا ولكن يأبى بعرور او سخيف اخر من إخوانه إلا ان يتحفنى بتجربته مع الحشيش او سفالته مع النساء ، اوقف اليسا طالبا من جارى ذو الموبايل الصينى خفض الصوت قليلا ، ينظر لى شذرا ثم ووببطىء شديد يخفضه درجة او اثنتان على الاكثر ،لا احبذ شجارا الان . ارجع الى اليسا شارعا بحنق انثوى سرعان ما اتخلص منه . التفت بنظرى الى خارج السياره علىّ اتناسى الصوت العربجى الاصيل الذى يشدوا جوارى، هناك ارجل بيضاء بضه الى جوارها حوافر لا تخلو سيقانها من علامات المرض والهزال ، الكل على ضفة فرع النيل ما بين غسيل لملابس واطباق واغتسال من نصيب ذلك الفرس او تلك الحماره اظنه المتعه الوحيده فى حياة هذه الحيوانات البائسه ، النساء فى القرى مدمنات "بلبطه" فى مياه "البحر" كما يسمونه ، وكثير منهن يظن ان الملابس والاطباق لن "تتطهر" وتصبح نظيفه الا فى مياه البحر ، تمر الى جوارهن جثة عجل صغير طافيه فيكتمن انوفهن بالاوشحه مستمرات فى "مرش" الملابس بهمة تصلح لبناء سد جديد . يتهادى الميكروباص قليلا فيسارع صبية لازال شعر وجوههم يناضل فى خضاره لمعاكسه هى اقرب للتحرش بفتاه تجلس امامى ، اكتفى بنصحها بغلق الزجاج بعد ان سود وجهى احدهم بسبة طالت امى العزيزه . يتسارع أداء السائق بعد خروجه الى طريق خالى حتى يصل الى سرعة مائة كيلو متر او تسعون ان كنت متساهلا ،  فيما نحن مستسلمون كالخراف ،  يعترض احدهم بصوت خفيض فيسارع من بجواره الى اسكاته " بس متـفـولش انتا وهنوصل – ان شاء الله –" ، يثنى رجل امامهم على تقديم المشيئة . تهب رائحه جيفه ماتت او القيت بجوار الطريق فاسارع بغلق الزجاج لاعنا التخلف فيما تلعن اليسا حظها مع من احبته وضربها ، تهرب منى ابتسامه ساخره حول مدى نضوج اليسا الفنى متصورا اياها "ارطه" راسها وتحمل طفلا عارى المؤخرة سائل الانف وهى تشدوا "بعد النهارده ازاى انا على نفسى هرضى ارجع لحد قدر يمد ايديه عليا " ، فيما تهرب عجلة القيادة من يد السائق الشاب ، ينقلب الميكروباص مرتين قبل ان يحيف الى فرع النيل مشتاقا ، تغمرنى المياه ... الصرخات... الاستغاثات ...هناك من يتلو الشهادتين ومن تستنجد بالمسيح الحى فيما اكتفى بنزع سماعات الاذن واغلاق الهاتف ...فلا داعى لاستهلاك البطاريه خصوصا انى لا انتظر مكالمه من احد.